Sunday, September 4

الفروق بين الليبرالية والعلمانية

كثير من الناس يخلط بين الليبرالية والعلمانية ... ولا يعرف الفروق بينهم ، وكثير من الناس يعتقد ان الليبرالية هي العلمانية وانها عدو الاسلام او عدو الدين بصفة عامة ، وانه طالما ان تلك الافكار تأتي الينا من الغرب فهي افكار كافرة وملحدة .

واحاول انا هنا ان اكون مبسطا للفروق قدر المستطاع والخص مفهوم الليبرالية والعلمانية معتمدا علي مفهومي للفروق والناتج عن قراءات واطلاعات مختلفة .

الليبرالية ليست دينا او مذهبا خاصا مثلما لدينا في الدين مذاهب متعددة وان اختلفت في بعض معالجتها للامور الفقهية الا انها تتفق جميعا علي المبادئ والاركان الرئيسية للدين .

والليبرالية هي كلمة لاتينية تعني الحرية ، لكنها بمعناها الفلسفي تعني الحرية المنضبطه بالاخلاق والشرع والقانون، فالليبرالية هي الحرية المسئولة في جوهرها ، وهدفها ارتقاء الانسان في العلم والكرامة والاخلاق ،وتحرير الفرد والجماعة من القيود السلطوية الثلاثة ( السياسية والاقتصادية والثقافية ) وتتنوع آليات العمل فيها بتنوع الثقافات والبيئة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، و رد الاعتبار للانسان الفرد والاعتراف بحقه في الاختيار وضمان الحريات الاساسية له ، وتنظيم الحياه والقوانين والاجراءات والمؤسسات علي اساس اولوية الفرد بوصفة فردا ذو كيان مستقل يتحمل مسئولية نفسه ويلتزم باداء واجباته ويكون مصون الحقوق ومحفوظ الكرامة .

ولان الكلمة لم تعرب في ثقافتنا العربية واحتفظت بلفظها الغربي جعلها دائما كلمة عائمة في ثقافتنا ومعتقداتنا ، اضف الي ذلك حساسيتنا الشرقية تجاه كل ما هو غربي الفكر وتحديدا اذا كان ذو محتوي سياسي او ثقافي او اجتماعي . تعودنا دائما ان نأخذ من الغرب الامور جاهزة في مجالات التقنية او خلافة ، ولكننا نرفض دائما ان نتداول الافكار الغربية عموما دون ان نتعرف علي ما تحتوية من افكار وندرسها ونعرف ما يناسبنا ومالا يناسبنا منها .

ولاننا تربينا في بيئتنا العربية علي الرؤية الاحادية المغلقة واعتادت مجتمعاتنا علي فكرة اصحاب الراي الاوحد ،لذلك حاربت كل الاتجاهات الفكرية والسياسية والحزبية والثقافية والدينية الليبرالية لانها كانت تستلزم التخلي عن الانغلاق الثقافي والاستبداد السياسي .

و من منظور الدين فالليبرالية هي بيئة حرة ومفتوحة لحركة الدين ومناخ لنموه واعطاء المساحة الكافية لتطبيق تعاليمة وتجسيد مبادئه ، لان الاسلام لم يبني ابدا علي الانغلاق والاستبداد بالرأي وسيطرة الافراد علي المجتمعات .

الليبرالية مناخ مفتوح تظهر داخلة الافكار والادوات والتطبيقات والاليات وتنمو وتتطور ، فمن خلال الممارسة الحيه والنقد الموصول تتطور ثقافة المجتمع ويرتقي اسلوب الحياه تلقائيا .

اذا فالليبرالية هي حرية ناضجة محكومة بالشريعة والقانون وهي الرؤية الاشمل والاوسع للمجتمع المدني ، والكفائة هي معيار التفاضل بين الناس فيه والجميع سواسية امام القانون وتقوم علي الشفافية والاعلان .

اما العلمانية فهي في كثير من الاحيان تتعارض مع الليبرالية فلا يوجد تلازم بينهم والعلمانية تحديدا هي اصطلاح بفصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة والحياه العامة وعدم اجبار الكل علي اعتناق او تبني معتقد او دين معين لاسباب ذاتية غير موضوعية لذا فالفكر العلماني هو الفكر الدونيوي او اللاديني وهو دعوة لاقامة الحياه علي العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيدا عن الدين ومن الناحية السياسية فهي تعني اللادينية في الحكم

وقد ظهرت العلمانية في القرن 17 في اوروبا وانتقلت في بداية القرن ال19 الي بعض الدول العربية ولكن بتفاوت مثل مصر وتركيا ولبنان والعراق وسوريا وتونس ثم الي باقي الدول العربية في القرن العشرين وايضا بتفاوت ، وكان دائما استخدام كلمة علمانية افضل من كلمة لادينية لانه اقل اثارة في مجتمعاتنا الشرقية .

وكثير من المجتمعات العلمانية قامت علي الاستبداد وحكم الفرد والقمع ، واقرب مثال لدينا في العصر الحديث كان اتاتورك فهو مثال جيد للانظمة العلمانية المستبدة حارب الاسلام والمسلمين وكتم علي انفاس المتدينين والكثير من المعارضين

العلمانية هي حكم استبدادي يصادر حقوق الاخرين في التفكير والتعبير والتنظيم والمشاركة ويقمع الحريات ، وهو ما يتعارض تماما مع الليبرالية

واذا نظرنا الي مجتمعاتنا الاسلامية ، فهي مجتمعات مثل باقي المجتمعات الانسانية تحتاج الي ان تفكر بطلاقة وتتعلم بفاعلية وتعمل بمهارة وتتحرك بمرونة وتنمو بسرعة وهو تماما ما يوفره المناخ الليبرالي

فازدهار العقول مرهون بحجم الحريات المتوفرة وتكافؤ الفرص وتبادل الافكار بين كافة الاتجاهات

وتوصيل حقائق الاسلام الي كل الناس تتطلب القدرة علي التواصل مع الجميع بمخاطبة العقل والقدرة علي الاقناع وليس بالقهر والاخضاع .

No comments:

News