Friday, October 28

اسعاد يونس : احذروا الاقتحام الثانى للسجون


■ فى الجو غيم.. وصمت مؤقت محفوف بالخطر والتربص.. دورات الكر والفر لم تنته.. ومن يملك حاسة درامية ولو قليلا.. يستطيع أن يغمض عينيه ويطلق لخياله التحليلى العنان.. ويبصر أن دورة تالية آتية فى الطريق.. ولأن الأحداث تتغير على مدار الساعة.. فقد يدخل حدث جديد فى الطريق ليزيد من جرعة الغموض أو التحفز.. قد يكون حرب الانتخابات وقد يكون وفاة المخلوع أو أى قنبلة أخرى.. فإذا فتح عينيه ونزل بخياله إلى أرض الواقع.. رأى أنه يجب أن يعمل بالمثل الواقعى القائل: الباب اللى يجيلك منه الريح، سده واستريح.. فإذا كنا نرى أمامنا أبوابا عدة.. فسوف يكون من العقل أن نتوجه إلى أوسعها وأخطرها ونغلقه بالضبة والمفتاح..
■ إن عبارات مثل الأيدى الخفية والقلة المندسة ستظل تتردد طالما هناك تراخٍ فى قطعها.. وطالما الأحداث تتجدد والفاعل مطلقة يده.. لا يجد أمامه سوى ناس معاقة تتبادل بحيرة وحسرة سؤالاً واحداً: «من هم؟؟».. إذن علينا أن نكون جادين فى سد أول باب.. باب سجن مزرعة طرة.. حيث يُجمع كل من هو عاقل ويتمتع بقدر يسير من الفهم على أنه الباب الذى تأتينا منه العواصف والزعابيب.. ومن ورائه تحاك كل المؤامرات والخطط..
■ إذا ما أرجعنا ما رأيناه من أحداث إلى من هم خلف الأسوار.. فسوف نتأكد أن هناك اجتماعات تتم بين أفراد الحكومة والعصابة المكتملة وتصدر عنها قرارات.. من الطبيعى أن تعمل الشلة على تنفيذ هذه القرارات.. وبالتالى يجب أن تكون هناك وسائل اتصال بالخارج.. وإلا فمن الذى سينفذ ومن الذى سنتهمه بأنه الأيدى الخفية التى تحرك القلة المندسة؟؟
■ حتما هناك وسائل اتصال.. أكيد هناك موبايلات.. وقد يشطح خيالنا فيرى تليفونات الثريا الهوائية.. الدلائل تشى بهذا.. نحن لا نطالب بأن تخرج إدارة السجون عن حدود الرحمة والإنسانية.. ولا أن تعامل السجناء بما لا يقره قانون السجون.. ولكن مما كنا نراه فى المحاكمات نستطيع أن نتأكد أن من يؤدون التحية العسكرية لوزير الداخلية الأسبق السجين أثناء دخوله وخروجه من مبنى المحكمة.. هم أنفسهم الذين ييسرون لهم الحياة.. هم الذين يصاحبونهم فى التريض فى فناء السجن.. هم من يغمضون أعينهم عن المهربات وعلى رأسها وسائل الاتصال.. ولو بفعل الهيبة وحسن النية.. أهو عشان ما نبقاش بنظلم حد..
■ وبقليل من التخيل الدرامى أيضا.. أتوقع أن يخرج المخطط القادم عن الشكل الذى عهدناه.. باخ نمط الاندساس وسط الجموع وتقليب البعض على البعض الآخر.. نقول عليه «أصبح إفيه محروق».. الذى يحرك الجموع المخرّبة تجاه الناس فى الشارع قد يعكس الآية.. قد يحركها تجاهه هو.. حدث من قبل.. أول ما حرّكوا حرّكوا فى اتجاه السجون.. وفرغوها من سجنائها.. وبما أن الكتالوج قديم وهم مازالوا يطبقونه.. فوارد جدا أن يعيدوا الكرّة.. هذه المرة على طرة ومعها كام سجن كمان عشان العملة تتوه فى النص.. وأكاد أجزم بأن من يفكر بهذه الطريقة سوف يلجأ إلى هذا الحل.. هجوم على السجون.. تهريب المساجين.. اختفاء للشلة..
■ شطحت بخيالى؟؟.. وارد جدا.. لكن علينا أن نأخذ بالأسباب.. للمرة المليون.. فرقوا الشلة عن بعضها.. غير منطقى أن تقبض على عصابة بكاملها.. وليست عصابة من مطاريد الجبل.. لكنها عصابة كانت تملك وتحكم وتأمر فتطاع.. وتضعها فى مكان واحد.. ثم لا تتوقع أن تخطط للهرب.. خصوصا أن لديها فى خارج الأسوار أموالاً وسلاحاً وقوات بشرية نفذت هذا المخطط من قبل.. وبنجاح ساحق.. لهذا، احذروا الموبايلات.. احذروا تليفونات الثريا.. احذروا الاقتحام الثانى للسجون..
■ خاطر أرقنى بشدة.. وقد يكون رسالة رأيتها فيما يرى النائم.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
■ سبحان الله.. لسه كنا بنتكلم عن الطقس الشعبى فى الضرب.. فتهاجمنا تسجيلات وأفلام نحر القذافى علنا.. بالذمة ده منظر؟؟.. ودى أخلاق.. فروسية إيه وشهامة إيه وتقاليد إيه ورجولة إيه التى طالما بغبغنا بالكلام عنها؟؟.. فنجرية بق إحنا.. واك واك واك بس.. ده راجل حاكم ظالم.. بقاله اتنين وأربعين سنة بيقهر فى شعبه نقوم لما نعثر عليه.. ندبحه زى أى عجل؟؟.. ساويتوا بين معاناة ما يقرب من نصف قرن بعثوركم على ثور شارد فدبحتوه وإنتوا بتسموا.. كده بقى الدبح حلال يعنى؟؟.. ضيعتوا على نفسكوا محاكمة عادلة تعرفوا منها أسرار حكم الوطن اتنين وأربعين سنة.. وتعرفوا حقوقكم فين وثروتكم كيف تم توزيعها وكيف يمكنكم استعادتها.. وتكسبوا احترام العالم وتشعروا بإنسانيتكم.. وتكللوا الثورة بنصر حضارى يشعر الناس أنكم مقدمون على فترة عدل ومساواة وتقدم..
■ إزاى فيه فرق بين الناس كده؟؟.. إزاى ممكن صلاح الدين الأيوبى يوقف حرب شرسة عشان عدوه مرض.. ويذهب بنفسه ليداويه.. ثم يستكمل القتال بعد تأكده من شفاء خصمه.. إزاى ممكن ناس تجزع ويقشعر بدنها من رؤية الدم.. وناس تهوهو زى الذئاب وريالتها تنزل لما تشوفه؟؟.. إزاى ممكن تزول كل الموانع والتقاليد وحرمة الموت والمشاعر أمام مظاهرة همجية مثل هذه؟؟.. فتسارع قنوات التليفزيون بإذاعة الأفلام بلا أى دم ولا إنسانية.. شبق الخبر طغى على كل معالم الحرفية حتى.. وجعل من القنوات حيوانات جائعة للحصرى والمنافسة وخلاص..
■ أرجع وأقول برضه إحنا متحضرين.. رغم كل مظاهر الغوغائية والهمجية التى بدأت تنتشر بين ناسنا ويعمل على دسها فينا ثلة من الهمج.. ورغم نداءات الثأر والهع هع وجع جع وأصوات القرقعة دى..
■ الظاهر إن البنى آدم بطبيعته غوغائى همجى جعجاعى.. علشان كده من ينادون بالتحضر بيطلع عين أهاليهم، وكلامهم بيواجه بمقاومة شرسة..
■ أنيس منصور مات.. طول عمرنا عندما نفقد قامة عظيمة زى كده نصرّخ.. يا نهار اسود مش حايتعوض.. وفعلا الناس دى ما بتتعوضش.. لكن كان.. وكان فعل ماضى ما نسيبه ف حاله.... كان يظل فى داخلنا يقين إن مصر ولاّدة.. مش حاتعوض القامة دى لكن حاتولد عظماء آخرين.. لكن مع ما نرى حاليا من هوجة ركوب ترماى التخلف.. شكلنا كده حنصاب بعقم حضارى منيل بنيلة.. ومش حانعوّض.. والمخزون حايقل.. وشوية شوية حانبقى عالحديدة.. اللى ما شفنا يا حسرة قلوبنا فى حديث حد من اللى صوحونا بنواياهم العظيمة للبلد لما يوصلوا للكراسى.. سيرة أو أثر لخطة ثقافية أو أى نية لاستخدام القوى الناعمة.. اخترعوا العجلة يا خويا منك له.. جتنا نيلة ف حظنا الهباب..
■ جنة الإخوان ولا نار الوطنى.. جنة الإخوان ولا نار السلفيين.. جنة السلفيين ولا نار العسكر.. جنة كل دول ولا نار الوطنى تانى.. هو بابور الجاز اللى بنتشوح عليه ده مش حاينطفى بقى؟؟؟.. إيه الشعب اللى ماشى مؤخرته شايطة على طول ده؟؟


المصدر : جريدة المصري اليوم 

No comments:

News